
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جَعْل صاحبها إمامًا للحنفاء إلى يوم القيامة، وهل تلك المفاسد الجزئية إلا دون مفسدة الحر والبرد والمطر والثلج بالنسبة إلى مصالحها بكثير.
ولكنّ الإنسان ــ كما قال الله ــ ظلومٌ جهولٌ، ظلومٌ لنفسه، جهولٌ بربّه وبعظمته وجلاله وحكمته وإتقان صنعه.
وكم بين إخراج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة على تلك الحال، ودخوله إليها ذلك الدخول الذي لم يفرح به بشر سواه، جنودُ الله قد اكتنفته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، والمهاجرون والأنصار قد أحدقوا به، والملائكة من فوقهم، والوحي من الله ينزل عليه، وقد أدخله حَرَمه ذلك الدخول، فأين مفسدة ذلك الإخراج الذي كان (1) كأن لم يكن.
ولولا معارضة السحرة لموسى بإلقاء العصي والحبال حتى أخذوا أعين الناس واسترهبوهم= لما ظهرت آية عصا موسى حتى ابتلعت عصيهم وحبالهم، ولهذا أمرهم موسى عليه السلام أن يُلقوا أولًا، ثم يلقي هو بعدهم.
ومن تمام ظهور آيات الرب تعالى وكمال اقتداره وحكمته أن يخلق مثل جبريل صلوات الله وسلامه عليه، الذي هو أطيب الأرواح العلوية وأزكاها وأطهرها وأشرفها، وهو السفير في كل خير وهدى وإيمان وصلاح، ويخلق مقابله مثل روح اللعين إبليس، الذي هو أخبث الأرواح وأنجسها وشرها، وهو الداعي إلى كل شر وأصله ومادته.
وكذلك من تمام قدرته وحكمته أن خلق الضياء والظلام، والأرض