شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

2417 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الظلام لما عُرِفت فضيلةُ النور، ولولا خَلْقُ أنواع البلاء لما عُرِف قَدْرُ العافية، ولولا الجحيمُ لما عُرِف قدرُ الجنة، ولو جَعَل الله سبحانه النهار سَرْمدًا لما عُرِف قدْرُهُ، ولو جَعَل الليل سَرْمدًا لما عُرِف قدْرُهُ.

وأعرف الناس بقدر النعمة من ذاق البلاء، وأعرفهم بقدر الغنى من قاسى مرائر الفقر والحاجة، ولو كان الناس كلهم علماء لما عُرِفت فضيلةُ العلم وقدرُهُ، ولو كانوا كلهم (1) أغنياء لما عُرِفت فضيلةُ الغنى، ولو كانوا كلهم على صورة واحدة من الجمال لما عُرِف قدرُ الجمال، وكذلك لو كانوا كلهم مؤمنين لما عُرِف قدرُ الإيمان والنعمة به.

فتبارك مَنْ له في خلقه وأمره الحِكَمُ البوالغ، والنِّعَمُ السوابغ.

يوضحه الوجه السابع عشر: أنه سبحانه يحب أن يُعبد بأنواع العبودية، ومن أعلاها وأجلها عبودية الموالاة فيه والمعاداة فيه، والحب فيه والبغض فيه، والجهاد في سبيله، وبذْلُ مُهَج النفوس في مرضاته ومغاضبة أعدائه.

وهذا النوع هو ذروة سنام العبودية وأعلى مراتبها، وهو أحب أنواعها إليه، وهو موقوف على ما لا يحصل بدونه مِنْ خَلْق الأرواح التي تواليه وتشكره وتؤمن به، والأرواح التي تعاديه وتكفر به، وتسليط بعضها على بعض؛ لتحصل بذلك محابُّه على أتم الوجوه، وتُقرِّب أولياءه إليه بجهاد أعدائه ومغاضبتهم فيه وإذلالهم وكبْتهم ومخالفة سبيلهم، فتعلو كلمته ودعوته على كلمة الباطل ودعوته، ويتبين بذلك شرف علوها وظهورها.

الصفحة

207/ 468

مرحبًا بك !
مرحبا بك !