شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

2415 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الجواب الخامس: أن يقال: غاية ما ذكرتم أنه يستلزم التسلسل، ولكن أي نوعي التسلسل هو اللازم، التسلسل الممتنع أو الجائز؟ فإن عنيتم الأول مُنِع اللزوم، وإن عنيتم الثاني مُنِع انتفاء اللازم؛ فإن التسلسل في الآثار المستقبلة ممكن، بل واجب، والتسلسل في الآثار الماضية فيه قولان للناس، والتسلسل في العلل والفاعلين محال باتفاق العقلاء، بأن يكون لهذا الفاعل فاعل قبله وكذلك إلى غير نهاية، وأما أن يكون الفاعل الواحد القديم الأبدي لم يزل يفعل ولا يزال، فهذا غير ممتنع. إذا عُرِف هذا، فالحكمة التي لأجلها يفعل الفعل تكون حاصلة بعده، فإذا كان بعدها حكمة أخرى فغاية ذلك أن يلزم حوادث لا نهاية لها، وهذا جائز، بل واجب باتفاق المسلمين، ولم ينازع فيه إلا بعض أهل البدع من الجهمية والمعتزلة. فإن قيل: فيلزم من هذا أن لا تحصل الغاية المطلوبة أبدًا. قيل: بل اللازم أن لا تزال الغاية المطلوبة حاصلة دائمًا، وهذا أمر معقول في الشاهد، فإن الواحد من الناس يفعل الشيء لحكمة يحصل بها محبوبه، ثم يلزم من حصول ذلك المحبوب محبوب آخر يفعل لأجله وهلمّ جرَّا، حتى لو تُصوِّر دوامه أبدًا لكانت هذه حاله وكماله، فلم تزل محبوباته تحصل شيئًا بعد شيء، وهذا هو الكمال الذي لا ينبغي إلا لله سبحانه، فإنه لا تزال مراداته ومحابّه حاصلة على الوجه الذي يريده، مع غناه التام الكامل عن كل ما سواه، وفقر ما سواه إليه من جميع الوجوه، وهل الكمال إلا ذلك، وفواته هو النقص. وهو سبحانه كتب على نفسه الرحمة والإحسان، فرحمته وإحسانه من

الصفحة

175/ 468

مرحبًا بك !
مرحبا بك !