
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فتأمله.
فإن قلت: كيف يكون قتلُ أحد ابني آدم للآخر علةً لحكمه على أمة أخرى بذلك الحكم؟ وإذا كان علة فكيف كان قاتل نفس واحدة بمنزلة قاتل الناس كلهم؟
قلت: الربّ تعالى يجعل أقضيته وأقداره عللًا وأسبابًا لشرعه وأمره، فجَعَل حكمه الكوني القدري علةً لحكمه الديني الأمري، وذلك أن القتل عنده لما كان من أعلى أنواع الظلم والفساد فَخّم أمره وعَظّم شأنه، وجعل إثمه أعظم من إثم غيره، ونَزّل قاتلَ النفس الواحدة منزلةَ قاتل الأنفس كلها (1).
ولا يلزم من التشبيه أن يكون المشبَّه بمنزلة المشبَّه به من كل الوجوه، فإذا كان قاتل الأنفس كلّها يصلى النار، وقاتل النفس الواحدة يصلاها؛ صَحّ تشبيهه به. كما يأثم من شرب قطرة واحدة من الخمر، ومَن شرب عدة قناطير، وإن اختلف مقدار الإثم. وكذلك من زنى مرة واحدة، وآخر زنا مرارًا كثيرة كلاهما آثم وإن اختلف قدر الإثم.
وهذا معنى قول مجاهد: «من قتل نفسًا محرّمة يصلى النار بقتلها كما يصلاها من قتل الناس جميعًا» (2).
وعلى هذا فالتشبيه في أصل العذاب لا في وصفه، وإن شئت قلت: