شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ج2

3276 1

[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]

تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 468

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]






أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

ما قالوه (1) وما يترتب على هذا القول موجبٌ لآثارٍ مطلوبةٍ للفاعل من إظهار عدله وحكمته وعزّه وقهره وسلطانه، وعطائه مَن يستحق عطاءه ويحسن وضعه عنده، ومنعه من يستحق المنع ولا يليق به غيره، ولهذا قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: 53] الذين يعرفون قدر النعمة، ويشكرون المنعم عليهم بها، فيَمُنّ عليهم مِن بين مَن لا يعرفها ولا يشكر ربه عليها، فكانت فتنة بعضهم ببعض سببًا لحصول هذا التمييز الذي ترتب عليه شكْر هؤلاء وكفْر هؤلاء.

فصل

وأما قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 53]، فهي على بابها، وهي لام الحكمة والتعليل، أخبر الله سبحانه أنه جعل ما ألقاه الشيطان في أُمْنِيّة الرسول محنة واختبارًا لعباده، فافتتن به فريقان: وهم الذين في قلوبهم مرض، والقاسية قلوبهم، وعلم المؤمنون أن القرآن والرسول حق، وأن إلقاء الشيطان باطل، فآمنوا بذلك فأخبتت له قلوبهم، فهذه غاية مطلوبة مقصودة بهذا القضاء والقدر.

فالله سبحانه جعل القلوب على ثلاثة أقسام: مريضة وقاسية ومُخْبِتة، وذلك لأنها إما أن تكون يابسة جامدة لا تلين للحق اعترافًا وإذعانًا، أو لا تكون كذلك.

فالأول: حال القلوب القاسية الحجرية (2)، التي لا تقبل ما يُكتَب

الصفحة

120/ 468

مرحباً بك !
مرحبا بك !