
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الثَّاني: أنه و (1) إن قلنا: إنَّه لا أَرْشَ لممسكٍ له الرَّدُّ= لم يلزم سقوطُ الأَرْش في الإجارة؛ لأنَّه قد استوفى بعضَ المعقود عليه، فلم يمكنه ردُّ المنفعة كما قبضها؛ ولأنَّه قد يكون عليه ضررٌ في ردِّ باقي المنفعة، وقد لا يتمكَّن من ذلك، فلا يجد بدًّا من الإمساك، فإلزامه بجميع الأجرة مع العيب المنقص ظاهرًا (2)، ومنعُه من استدراك ظُلامته إلا بالفسخ ضررٌ عليه، ولا سيَّما لمستأجرِ الزَّرع والغرس والبناء، أو مستأجرِ دابَّةٍ للسَّفر فتتعيَّب في الطَّريق. فالصَّواب أنَّه لا أرْشَ في المبيع لممسكٍ له الرَّدُّ، وأنَّه في الإجارة له الأَرْشُ.
والَّذي يُوضِّح هذا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حكم بوضع الجوائح (3)، وهي أن يسقط عن مشتري الثِّمار (4) من الثمن (5) بقدر ما أذهبت الجائحة من ثمرته، ويمسك الباقي بقسطه من الثَّمن؛ وهذا لأنَّ الثِّمار لم تستكمل صلاحها دفعةً واحدةً، ولم تجرِ العادة بأخذها جملةً واحدةً، وإنَّما تؤخذ شيئًا فشيئًا، فهي بمنزلة المنافع في الإجارة سواءٌ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المصرَّاة خيَّر المشتري بين الرَّدِّ وبين الإمساك بلا أَرْشٍ (6)، وفي الثِّمار جعل له الإمساك مع الأرش. والفرق ما ذكرناه، والإجارة أشبه ببيع الثِّمار، وقد ظهر اعتبار هذا الشَّبه في