زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
شركاء في ثلاثٍ: الماء والكلأ والنَّار، وثمنه حرامٌ».
وفي «صحيح البخاريِّ» (1) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثةٌ لا ينظر الله عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامة، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ كان على فَضْلِ ماءٍ بالطَّريق فمنَعَه ابنَ السَّبيل، ورجلٌ بايع إمامه لا يبايعه إلا للدُّنيا، فإن أعطاه منها رضي، وإن لم يُعطِه منها سَخِط، ورجلٌ أقام سِلْعةً بعد العصر فقال: والذي لا إله غيره لقد أُعطِيتُ بها كذا وكذا، فصدَّقه رجلٌ»، ثمَّ قرأ هذه الآية {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ} الآية [آل عمران: 77].
وفي «سنن أبي داود» (2) عن بُهَيْسة قالت: استأذن أبي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فجعل يدنو منه ويلتزمه، ثمَّ قال: يا نبيَّ اللَّه، ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعه؟ قال: «الماء»، قال: يا نبيَّ اللَّه، ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعه؟ قال: «الملح»، قال: يا نبيَّ اللَّه، ما الشَّيء الذي لا يحلُّ منعه؟ قال: «أن تفعل الخيرَ خيرٌ لك».
الماء خلقه الله سبحانه في الأصل مشتركًا بين العباد والبهائم، وجعله سقيًا لهم، فلا يكون أحدٌ أخصَّ به من أحدٍ، ولو أقام عليه وتَنَأ (3) عليه. قال عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: ابنُ السَّبيل أحقُّ بالماء من التَّانئ (4) عليه، ذكره