زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إحداها: إجراؤه على ظاهره، وأنَّ المسألة روايةٌ واحدةٌ. قال ابن أبي موسى (1): وكره أحمد أن يُؤجِر المسلم نفسَه لحمل ميتةٍ أو خنزيرٍ لنصرانيٍّ. فإن فعلَ قُضِي له بالكراء، وهل يطيب له أم لا؟ على وجهين، أوجههما: أنَّه لا يطيب له، ويتصدَّق به.
وكذا ذكر أبو الحسن الآمدي (2)، قال: إذا آجر نفسَه من رجلٍ في حمل خمرٍ أو خنزيرٍ أو ميتةٍ كُرِه، نصَّ عليه، وهذه كراهة تحريمٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لعن حاملها (3). إذا ثبت ذلك فيُقضى له بالكراء، وغير ممتنعٍ أن يُقضى له بالكراء وإن كان محرَّمًا كإجارة الحجَّام. انتهى.
فقد صرَّح هؤلاء بأنَّه يستحقُّ الأجرة مع كونها محرَّمةً عليه على الصَّحيح.
الطَّريقة (4) الثَّانية: تأويل هذه الرِّواية بما يخالف ظاهرها، وجَعْل المسألة روايةً واحدةً، وهي أنَّ هذه الإجارة لا تصحُّ. وهذه طريقة القاضي في «المجرَّد»، وهي طريقةٌ ضعيفةٌ، وقد رجع عنها في كتبه المتأخِّرة، فإنَّه صنَّف «المجرَّد» قديمًا.
الطَّريقة الثَّالثة: تخريج هذه المسألة على روايتين، إحداهما: أنَّ هذه