زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ذلك خبيثٌ على أيِّ وجهٍ كان، حرَّةً كانت أو أمةً، ولا سيَّما فإنَّ البِغاء إنَّما كان على عهدهم في الإماء دون الحرائر، ولهذا قالت هند وقتَ البيعة: أَوَ تَزني الحرَّة؟! (1).
ولا نزاعَ بين الفقهاء في أنَّ الحرَّة البالغة العاقلة إذا مَكَّنت رجلًا من نفسها فزنى بها أنَّه لا مهْرَ لها، واختُلِف في مسألتين، إحداهما: الحرَّة المُكْرَهة. والثَّانية: الأمة المطاوعة.
فأمَّا الحرَّة المُكْرَهة على الزِّنا، ففيها أربعة أقوالٍ، وهي رواياتٌ منصوصاتٌ عن أحمد (2): أحدها: أنَّ لها المهرَ بكرًا كانت أو ثيِّبًا، سواءٌ وُطِئتْ في قُبُلِها أو دُبُرِها.
والثَّاني: أنَّها إن كانت ثيِّبًا فلا مهرَ لها، وإن كانت بكرًا فلها المهر. وهل يجب معه أَرْشُ البكارة؟ على روايتين منصوصتين. وهذا القول اختيار أبي بكر.
والثَّالث: أنَّها إن كانت ذاتَ محرمٍ فلا مهرَ لها، وإن كانت أجنبيَّةً فلها المهر.
والرَّابع: أنَّ من تحرم ابنتُها كالأمِّ والبنت والأخت فلا مهرَ لها، ومن تحلُّ ابنتها كالعمَّة والخالة فلها المهر.
وقال أبو حنيفة: لا مهرَ للمكرهة على الزِّنا بحالٍ، بكرًا كانت أو ثيِّبًا.