
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وفي «صحيح مسلم» (1) عن أبي الزبير قال: سألتُ جابرًا عن ثمن الكلب والسِّنَّور، فقال: زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
وفي «سنن أبي داود» (2) عنه أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسِّنَّور.
وفي «صحيح مسلم» (3) من حديث رافع بن خَدِيجٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «شرُّ الكسب مَهْر البغيِّ، وثمن الكلب، وكَسْب الحجَّام».
فتضمَّنت هذه السُّنن أربعة أمورٍ: أحدها: تحريم بيع الكلب، وذلك يتناول كلَّ كلبٍ صغيرًا كان أو كبيرًا، للصَّيد أو للماشية (4) أو للحرث. وهذا مذهب فقهاء أهل الحديث قاطبةً، والنِّزاع في ذلك معروفٌ عن أصحاب مالك وأبي حنيفة، فجوَّز أصحاب أبي حنيفة بيعَ الكلاب وأكْلَ أثمانها. وقال القاضي عبد الوهَّاب (5): اختلف أصحابنا في بيع ما أُذِن في اتِّخاذه من الكلاب، فمنهم من قال: يكره، ومنهم من قال: يحرم. انتهى.
وعقد بعضهم (6) عقدًا لما يصحُّ بيعه، وبنى عليه اختلافهم في بيع الكلب، فقال: ما كانت منافعه كلُّها محرَّمةً لم يجز بيعه، إذ لا فرق بين المعدوم حسًّا