زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الرِّجال، ورجَّحتم قولها على قول من خالفها؟ ونقول لأصحاب مالك: وهذه عائشة لا ترى التَّحريم إلا بخمس رضعاتٍ، ومعها جماعةٌ من الصَّحابة، وروت فيه حديثين، فهلَّا قلتم: النِّساء أعلم بهذا من الرِّجال، وقدَّمتم قولها على قول من خالفها؟ فإن قلتم: هذا حكمٌ يتعدَّى إلى الرِّجال، فيستوي النِّساء معهم فيه.
قيل: ويتعدَّى (1) حكم العدَّة إلى الرِّجال مثله، فيجب أن يستوي النِّساء معهم (2) فيه، وهذا لا خفاءَ به. ثمَّ يُرجَّح قول الرِّجال (3) في هذه المسألة بأنَّ (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهد لواحدٍ من هذا الحزب بأنَّ الله ضرب الحقَّ على لسانه وقلبه (5). وقد وافق ربَّه تبارك وتعالى في عدَّة مواضع قال فيها قولًا، فنزل القرآن بمثل ما قال (6)، وأعطاه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فضلَ إنائه في النَّوم وأوَّله بالعلم (7)، وشهد له بأنَّه مُحدَّثٌ مُلْهَمٌ (8)، فإذا لم يكن بدٌّ من التَّقليد فتقليدُه