زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقرأ: (فطلِّقوهنَّ لِقُبُل عدَّتهنَّ)، وهو أن يطلِّقها طاهرًا؛ لأنَّها حينئذٍ تستقبل عدَّتها، ولو طُلِّقت حائضًا لم تكن مستقبلةً عدَّتها إلا بعد الحيض.
فإن قال: فما اللِّسان؟ قيل: القرء: اسمٌ وُضِع لمعنًى، فلمَّا كان الحيض دمًا يُرخِيه الرَّحِمُ فيخرج، والطُّهر دمًا يحتبس فلا يخرج، وكان معروفًا من لسان العرب أنَّ القرء الحبس. تقول العرب: هو يَقْرِي الماءَ في حوضه وفي سِقائه. وتقول العرب: يَقْرِي الطَّعامَ في شِدْقه، يعني: يحبس الطعام في شدقه. وتقول العرب إذا حبس الرَّجلُ الشَّيء: قَرأه، يعني: خَبَأه (1).
قال الشَّافعيُّ: أخبرنا مالك (2)، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنَّها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدَّم من الحيضة الثَّالثة. قال ابن شهابٍ: فذكرتُ ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها (3) في ذلك ناسٌ فقالوا: إنَّ الله يقول: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}، فقالت عائشة: صدقتم، وهل تدري ما الأقراء؟ الأقراء: الأطهار.
أخبرنا مالك (4)، عن ابن شهابٍ قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرَّحمن