زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
واختلف أصحاب أحمد أيضًا في الجدِّ والأخت للأب أيُّهما أولى؟ فالمذهب: أنَّ الجدَّ أولى منها، وحكى القاضي في «المجرَّد» وجهًا: أنَّها أولى منه. وهذا يجيء على أحد التَّأويلات الَّتي تأوَّل عليها الأصحاب نصَّ أحمد، وقد تقدَّمت.
فصل وممَّا يبيِّن صحَّة الأصل المتقدِّم: أنَّهم قالوا: إذا عُدِم الأمَّهات ومن في جهتهنَّ انتقلت الحضانة إلى العصبات، وقُدِّم الأقرب فالأقرب منهم، كما في الميراث، فهذا جارٍ على القياس.
فيقال لهم: فهلَّا راعيتم هذا في جنس القرابة، فقدَّمتم القرابةَ القويَّة الرَّاجحة على الضَّعيفة المرجوحة كما فعلتم في العصبات؟ وأيضًا فإنَّ الصَّحيح في الأخوات عندكم أنَّه يُقدَّم منهنَّ من كانت لأبوين، ثمَّ من كانت لأبٍ، ثمَّ من كانت لأمٍّ، وهذا صحيحٌ موافقٌ للأصول والقياس، لكن إذا ضمَّ هذا إلى قولهم بتقديم قرابة الأمِّ على قرابة الأب جاء التَّناقضُ، وتلك الفروعُ المشكلة المتناقضة.
وأيضًا فقد قالوا بتقديم أمَّهات الأب والجدِّ على الخالات والأخوات للأمِّ، وهو الصَّواب الموافق لأصول الشَّرع، لكنَّه يُناقِض (1) لتقديمهم (2) أمَّهات الأمِّ على أمَّهات الأب، ويُناقض تقديم الخالة والأخت للأمِّ على الأب، كما هو إحدى الرِّوايتين عن أحمد، والقول القديم للشَّافعيِّ. ولا ريبَ أنَّ القول به أطردُ للأصل، لكنَّه في غاية البعد من قياس الأصول كما تقدَّم.