زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أُطلق لم يدخل فيه ابن الرَّضاع، فكيف إذا قُيِّد بكونه ابنَ صلبٍ؟ وقَصْدُ إخراجِ ابن التَّبنِّي بهذا لا يمنع إخراجَ ابن الرَّضاع ويوجب دخوله، وقد ثبت في «الصَّحيح» (1) أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر سهلة بنت سهيل أن تُرضِع سالمًا مولى أبي حذيفة؛ ليصير مَحْرمًا لها، فأرضعتْه بلبن أبي حذيفة زوجِها، وصار ابنَها ومَحْرمَها بنصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سواءٌ كان هذا الحكم (2) مختصًّا بسالم أو عامًّا كما قالته أمُّ المؤمنين عائشة، فبقي سالم مَحْرَمًا لها لكونها أرضعتْه وصارت أمَّه، ولم يَصِرْ محرمًا لها لكونها امرأةَ أبيه من الرَّضاعة، فإنَّ هذا لا تأثيرَ فيه لرضاعة سهلة له، بل لو أرضعتْه جاريةٌ له أو امرأةٌ أخرى صارت سهلةُ امرأةَ أبيه، وإنَّما التَّأثير لكونه ولدها نفسها. وقد عُلِّل بهذا في الحديث نفسه، ولفظه: فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَرْضِعيه»، فأرضعتْه خمسَ رضعاتٍ، وكان بمنزلة ولدها من الرَّضاعة.
ولا يمكن دعوى الإجماع في هذه المسألة، ومن ادَّعاه فهو كاذبٌ، فإنَّ سعيد بن المسيَّب وأبا سلمة بن عبد الرَّحمن وسليمان بن يسارٍ وعطاء بن يسارٍ وأبا قلابة (3) لم يكونوا يُثبتون التَّحريمَ بلبن الفحل، وهو مرويٌّ عن الزبير (4) وجماعةٍ من الصَّحابة، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وكانوا يرون أنَّ التَّحريم إنَّما هو من قِبَل الأمَّهات فقط، فهؤلاء إذا لم يجعلوا المرتضع من