زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
من الأمِّ أن ينكح أخت أخيه من الأب، وكذلك ينكح الرَّجل أمَّ ابنه من النَّسب وأختها، وأمَّا أمُّها وبنتها فإنَّما حَرُمَتا بالمصاهرة.
وهل يَحرُم نظير المصاهرة (1) بالرَّضاع فتَحْرُم عليه أمُّ امرأته من الرَّضاعة وبنتها من الرَّضاعة وامرأة ابنه من الرَّضاعة، أو يحرم الجمع بين الأختين من الرَّضاعة، أو بين المرأة وعمَّتها وبينها وبين خالتها من الرَّضاعة؟ فحرَّمه الأئمَّة الأربعة وأتباعهم، وتوقَّف فيه شيخنا وقال: إن كان قد قال أحدٌ بعدم التَّحريم فهو أقوى.
قال المحرِّمون: تحريم هذا يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يَحْرُم من الرَّضاع ما يَحْرُم من النَّسب»، فأجرى الرَّضاعة مجرى النَّسب وشبَّهها به، فثبت تنزيلُ ولد الرَّضاعة وأبي الرَّضاعة منزلةَ ولد النَّسب وأبيه، فما ثبت للنَّسب من التَّحريم ثبت للرَّضاعة، فإذا حرمت امرأة الأب والابن وأمُّ المرأة وابنتها من النَّسب حرمن بالرَّضاع، وإذا حرم الجمع بين أختي النَّسب حرم بين أختي الرَّضاع. هذا تقدير احتجاجهم على التَّحريم.
قال شيخ الإسلام (2): الله سبحانه حرَّم سبعًا بالنَّسب وسبعًا بالصِّهر، كذا قال ابن عبَّاسٍ (3). قال: ومعلومٌ أنَّ تحريم الرَّضاعة لا يسمَّى صِهرًا، وإنَّما يحرم منه ما يحرم من النَّسب، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يَحْرُم من الرَّضاعة ما يَحْرُم من الولادة» (4)، وفي روايةٍ: «ما يَحْرُم من النَّسب» (5). ولم يقل: وما