
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الذي نسخَ هذا؟ وما (1) الذي جعل أوَّله للوجوب وآخره للاستحباب؟ وإذا عُرِف هذا فليس من برِّ الوالدين أن يَدَعَ الرَّجل أباه يَكنِسُ الكُنُف، ويكاري على الحُمُر، ويُوقِد في أَتُون الحمَّام (2)، ويَحمل للنَّاس على رأسه ما يتقوَّت بأجرته، وهو في غاية الغنى واليسار وسعة ذات اليد.
وليس من برِّ أمِّه أن يدَعَها تخدم النَّاس، وتغسل ثيابهم، أو تسقي لهم الماء، ونحو ذلك، ولا يصونها بما يُنفِقه عليها، ويقول: الأبوان مكتسبان صحيحان وليسا بزَمِنَين ولا أعمَيَين. فياللَّه العجب! أين شرطَ الله ورسولُه في برِّ الوالدين وصلة الرَّحم أن يكون (3) أحدهم زَمِنًا أو أعمى؟ وليست صلة الرَّحم ولا برُّ الوالدين موقوفةً على ذلك شرعًا ولا لغةً ولا عرفًا، وباللَّه التَّوفيق.