
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد السادس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 531
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثيابكِ، فإذا حللتِ فآذِنيني». قالت: فلمَّا حللتُ ذكرتُ له أنَّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمَّا أبو جهم فلا يضعُ عصاه عن عاتقه، وأمَّا معاوية فصعلوكٌ لا مال له، انكِحي أسامةَ بن زيدٍ». فكرهتُه، ثمَّ قال: «انكِحي أسامةَ»، فنكحتُه، فجعل الله فيه خيرًا واغتبطتُ به.
وفي «صحيحه» (1) أيضًا عنها: أنَّها طلَّقها زوجها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان أنفق عليها نفقةً دُوْنًا (2)، فلمَّا رأت ذلك قالت: والله لأُعلِمَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كانت لي نفقةٌ أخذتُ الذي يُصلِحني، وإن لم تكن لي نفقةٌ لم آخُذْ منه شيئًا، قالت: فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا نفقةَ لكِ ولا سُكنى».
وفي «صحيحه» (3) أيضًا عنها: أنَّ أبا حفص بن المغيرة المخزومي طلَّقها ثلاثًا، ثمَّ انطلق إلى اليمن، فقال لها أهله: ليس لكِ علينا نفقةٌ. فانطلق خالد بن الوليد في نفرٍ، فأَتَوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة، فقالوا: إنَّ أبا حفص طلَّق امرأته ثلاثًا، فهل لها من نفقةٍ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليست لها نفقةٌ، وعليها العدَّة». وأرسل إليها: أن لا تَسْبِقيني بنفسك، وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك. ثمَّ أرسل إليها: أنَّ أم شريك يأتيها المهاجرون الأوَّلون، فانطلقي إلى ابن أمِّ مكتومٍ الأعمى، فإنَّكِ إذا وضعتِ خماركِ لم يركِ. فانطلقَتْ إليه، فلمَّا انقضَتْ عدَّتها أنكحَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامةَ بن زيد بن حارثة.