زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يثبت نسخُها، ولم تجمع الأمَّةُ على خلافها.
وعلى كلِّ حالٍ، فلا بدَّ أن يخالف حالُها بعد الإحصان حالَها قبله، وإلَّا لم يكن للتَّقييد فائدةٌ، فإمَّا أن يقال قبل الإحصان: لا حدَّ عليها، والسُّنَّة الصَّحيحة تُبطِل ذلك، وإمَّا أن يقال: حدُّها قبل الإحصان حدُّ الحرَّة، وبعده نصفَه، وهذا باطلٌ قطعًا مخالفٌ لقواعد الشَّرع وأصوله، وإمَّا أن يقال: حدُّها (1) قبل الإحصان تعزيرٌ وبعدَه حدٌّ، وهذا قويّ (2)، وإمَّا أن يقال: الافتراق بين الحالين في إقامة الحدِّ لا في قدره، وأنَّه في إحدى الحالتين للسَّيِّد، وفي الأخرى للإمام، وهذا أقرب ما يقال.
وقد يقال: إنَّ تنصيصه على التَّنصيف بعد الإحصان لئلَّا يتوهَّم متوهِّمٌ أنَّ بالإحصان يزول التَّنصيف، ويصير حدُّها حدَّ الحرَّة، كما أنَّ الجلد عن البكر زال بالإحصان (3)، وانتقل إلى الرَّجم، فبقي على التَّنصيف في أكمل حالتيها، وهي الإحصان، تنبيهًا على أنَّه إذا اكْتُفي به فيها ففيما قبل الإحصان أولى وأحرى، والله أعلم.
وقضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مريضٍ زنى ولم يَحْتَمِل إقامةَ الحدِّ، بأن يؤخذ له مئة (4) شمراخٍ، فيُضْرَب بها ضربةً واحدةً (5).