
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل في حكمه - صلى الله عليه وسلم - بالولد للفراش، وأن الأمة تكون فراشًا، وفيمن استلحق بعدَ موتِ أبيه ثبت في «الصَّحيحين» (1) من حديث عائشة قالت: اختصم سعد بن أبي وقَّاصٍ وعبد بن زَمْعَة في غلامٍ، فقال سعد: هذا يا رسولَ الله ابنُ أخي عتبةَ بن أبي وقّاص، عهِدَ إليَّ أنَّه ابنه، انظُرْ إلى شَبَهِه. وقال عبد بن زَمْعة: هذا أخي يا رسول الله، وُلِد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى شَبَهًا بيِّنًا بعتبة فقال: «هو لك يا عبدُ بنَ زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة». فلم تَرَه سودةُ قطُّ.
فهذا الحكم النَّبويُّ أصلٌ في ثبوت النَّسب بالفراش، وفي أنَّ الأمة تكون فراشًا بالوطء، وفي أنَّ الشَّبَه إذا عارض الفراش قُدِّم عليه الفراش، وفي أنَّ أحكام النَّسب تتبعَّض فتثبتُ من وجهٍ دون وجهٍ، وهو الذي يُسمِّيه بعض الفقهاء (2) حكمًا بين حكمين، وفي أنَّ القافة حقٌّ وأنَّها من الشَّرع.
فأمَّا ثبوت النَّسب بالفراش فأجمعت عليه الأمَّة.
وجهات ثبوت النَّسب أربعةٌ: الفراش، والاستلحاق، والبيِّنة، والقافة. فالثَّلاثة الأُوَل متَّفقٌ عليها، واتَّفق المسلمون على أنَّ (3) النِّكاح يثبت به