
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فنظر حرمةً أو عورةً، فلهم حَذْفُه (1) وطَعْنُه في عينه، فإن انقلعتْ عينُه فلا ضمانَ عليهم. قال القاضي أبو يعلى: هذا ظاهر كلام أحمد أنَّهم يدفعونه ولا ضمان عليهم، من غير تفصيلٍ.
وفصَّل ابن حامد فقال: يدفعه بالأسهل فالأسهل، فيبدأ بقوله: انصرِفْ واذهَبْ، وإلَّا نفعل بك (2).
قلت: وليس في كلام أحمد ولا في السُّنَّة الصَّحيحة ما يقتضي هذا التَّفصيل، بل الأحاديث الصَّحيحة تدلُّ على خلافه، فإنَّ في «الصَّحيحين» (3) عن أنس: أنَّ رجلًا اطَّلع من جُحرٍ في حُجرة (4) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقام إليه بمِشْقَصٍ أو بمَشاقِصَ، وجعل يَخْتِلُه ليطعنَه. فأين الدَّفع بالأسهل وهو - صلى الله عليه وسلم - يَخْتِله أو (5) يختبئ له ويختفي ليطعنه؟ وفي «الصَّحيحين» (6) أيضًا من حديث سهل بن سعدٍ: أنَّ رجلًا اطَّلع في جُحْرِ بابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي يد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ به (7) رأسه، فلمَّا رآه قال: «لو أعلم أنَّك تنظرني لطعنتُ به عينَك (8)، إنَّما جُعِل الاستئذان من أجل