زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عمر في هذا القتيل. وقوله أيضًا: إنْ عادوا فعُدْ، ولم يفرِّق بين المحصن وغيره. وهذا هو الصَّواب، وإن كان صاحب «المستوعب» (1) قد قال: ومن وجد مع امرأته رجلًا ينال منها ما يوجب الرَّجم فقتله، وادَّعى أنَّه قتله لأجل ذلك، فعليه القصاص في ظاهر الحكم، إلا أن يأتي ببيِّنةٍ بدعواه، فلا يلزمه القصاص. قال (2): وفي عدد البيِّنة روايتان؛ إحداهما: شاهدان، اختارها أبو بكر؛ لأنَّ البيِّنة على الوجود دون الزِّنا (3). والأخرى: لا يُقبل أقلُّ من أربعةٍ.
والصَّحيح أنَّ البيِّنة متى قامت بذلك أو أقرَّ به الوليُّ سقطَ القصاص، محصَنًا كان أو غيره، وعليه يدلُّ كلام عليٍّ - رضي الله عنه -، فإنَّه قال فيمن وجد مع امرأته رجلًا فقتله: إن لم يأتِ بأربعة شهداء فَلْيُعْطَ برُمَّته. وهذا لأنَّ هذا القتل ليس بحدٍّ للزِّنا، ولو كان حدًّا لما كان بالسَّيف، ولَاعْتُبِرَ له شروط إقامة الحدِّ وكيفيَّته، وإنَّما هو عقوبةٌ لمن تعدَّى عليه وهَتَكَ حريمه (4) وأفسدَ أهله. وكذلك فعل الزبير لمَّا تخلَّف عن الجيش ومعه جاريةٌ له، فأتاه رجلان فقالا: أعطِنا شيئًا، فأعطاهما طعامًا كان معه، فقالا: خَلِّ عن الجارية، فضربهما بسيفه، فقطعهما بضربةٍ واحدةٍ (5).
وكذلك (6) من اطَّلع في بيت قومٍ من ثُقْبٍ أو شَقٍّ في الباب بغير إذنهم،