
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
رسوله، فإنَّ الله سبحانه بعلمه وحكمته كفانا بما شرعَه لنا وأمرنا به عن تكلُّفِ زيادةٍ عليه.
قال صاحب «الإفصاح» ــ وهو يحيى بن محمد بن هُبَيرة ــ في «إفصاحه» (1): من الفقهاء من اشترط أن يزاد بعد قوله «من الصَّادقين»: فيما رميتُها به من الزِّنا، واشترط في نفيها عن نفسها أن تقول: فيما رماني به من الزِّنا. قال: ولا أراه يحتاج إليه؛ لأنَّ الله تعالى أنزل ذلك وبيَّنه، ولم يذكر هذا الاشتراط.
وظاهر كلام أحمد: أنَّه لا يشترط ذكر الزِّنا في اللِّعان، فإنَّ إسحاق بن منصورٍ (2) قال: قلت لأحمد: كيف يلاعن؟ قال: على ما في كتاب اللَّه، يقول أربع مرَّاتٍ: أشهد بالله إنِّي فيما رميتُها به لمن الصَّادقين، ثمَّ يُوقَف عند الخامسة فيقول: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، والمرأة مثل ذلك.
ففي هذا النَّصِّ أنَّه لا يُشترط أن يقول: من الزِّنا، ولا تقوله هي، ولا يُشترط أن يقول عند الخامسة: فيما رميتُها به، وتقول هي: فيما رماني به. والَّذين اشترطوا ذلك حجَّتهم أن قالوا: ربَّما نَوى: إنِّي لمن الصَّادقين في شهادة التَّوحيد أو غيرِه من الخبر الصَّادق، ونَوتْ: إنَّه لمن الكاذبين في شأنٍ آخر، فإذا ذكرا ما رميت به من الزِّنا انتفى هذا التَّأويل.
قال الآخرون: هَبْ أنَّهما نويا ذلك فإنَّهما لا يَنتفعان بنيَّتهما، فإنَّ الظَّالم لا ينفعه تأويله، ويمينُه على نيَّة خصمه، ويمينُه بما أمر الله به إذا كان مجاهرًا