
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أنَّه إذا أتت على المظاهر مدَّةٌ بعد القول بالظِّهار لم يُحرِّمها بالطَّلاق الذي يُحَرَّم (1) به، وجبت عليه الكفَّارة، كأنَّهم يذهبون إلى أنَّه إذا أمسك ما حرَّم على نفسه عاد لما قال، فخالفَه فأحلَّ ما حرَّم، لا أعلم معنًى أولى به من هذا. انتهى.
فصل والَّذين جعلوه أمرًا وراء الإمساك اختلفوا فيه (2)، فقال مالك في إحدى الرِّوايات الأربع عنه وأبو عبيد: هو العزم على الوطء، وهذا قول القاضي أبي يعلى وأصحابه، وأنكره الإمام أحمد وقال (3): مالك يقول: إذا أجمع لزمته الكفَّارة. فكيف يكون هذا؟ لو طلَّقها بعد ما يُجمِع لكانَ (4) عليه كفَّارةٌ، إلا أن يكون يذهب إلى قول طاوسٍ: إذا تكلَّم بالظِّهار لزمه مثلُ الطَّلاق.
ثمَّ اختلف أرباب هذا القول فيما لو مات أحدهما، أو طلَّق بعد العزم وقبل الوطء، هل تستقرُّ عليه الكفَّارة؟ فقال مالك وأبو الخطاب: تستقرُّ الكفَّارة. وقال القاضي وعامَّة أصحابه: لا تستقرُّ. وعن مالك روايةٌ ثانيةٌ، أنَّه العزم على الإمساك وحده. ورواية «الموطَّأ» (5) خلاف هذا كلِّه، أنَّه العزم على الإمساك والوطء معًا. وعنه روايةٌ رابعةٌ، أنَّه الوطء نفسه، وهذا قول أبي