زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الظِّهار، ورتَّبَ عليه التَّكفيرَ وتحريمَ الزَّوجة حتَّى يُكفِّر، وهذا يقتضي أن يكون حكمه معتبرًا بلفظه كالطَّلاق.
ونازعهم الجمهور في ذلك، وقالوا: العود أمرٌ وراء مجرَّد لفظ الظِّهار، ولا يصحُّ حمل الآية على العود إليه في الإسلام؛ لثلاثة أوجهٍ: أحدها: أنَّ هذه الآية بيانٌ لحكم من يظاهر (1) في الإسلام، ولهذا أتى فيها بلفظ الفعل مستقبلًا، فقال: {يُظَاهِرُونَ}، وإذا كان هذا بيانًا لحكم ظهار الإسلام، فهو عندكم نفس العود، فكيف يقول بعده: {ثُمَّ يَعُودُونَ}، وإنَّ معنى هذا العود غير (2) الظِّهار عندكم؟ الثَّاني: أنَّه لو كان العود ما ذكرتم، وكان المضارع بمعنى الماضي تقديره (3): والَّذين ظاهروا من نسائهم ثمَّ عادوا في الإسلام= لما (4) وجبت الكفَّارة إلا على من تظاهر في الجاهليَّة ثمَّ عادوا (5) في الإسلام، فمن أين يُوجِبونها على من ابتدأ الظِّهار في الإسلام غير عائدٍ؟ فإنَّ هنا أمرين: ظهارٌ سابقٌ، وعَودٌ إليه، وذلك يُبطِل حكم الظِّهار الآن بالكلِّيَّة، إلا أن يجعلوا {يُظَاهِرُونَ} لفرقةٍ، و {يَعُودُونَ} لفرقةٍ، ولفظ المضارع نائبًا (6) عن لفظ الماضي، وذلك مخالفٌ للنَّظم، ومُخرِجٌ عن الفصاحة.