
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثمَّ هاهنا فروعٌ كثيرةٌ مضطربةٌ غاية الاضطراب، لا دليلَ عليها من كتابٍ ولا سنَّةٍ ولا إجماعٍ، والزَّوجة زوجتُه حتَّى يقوم دليلٌ على زوال عصمته عنها.
قالوا: ولم يجعل الله إلى النِّساء شيئًا من النِّكاح ولا من الطَّلاق، وإنَّما جعل ذلك إلى الرِّجال، وقد جعل الله سبحانه الرِّجال قوَّامين على النِّساء، إن شاءوا أمسكوا، وإن شاؤوا طلَّقوا، فلا يجوز للرَّجل أن يجعل المرأة قوَّامةً عليه، إن شاءت أمسكتْ، وإن شاءت طلَّقتْ.
قالوا: ولو أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ لم نتعدَّ إجماعَهم، ولكن اختلفوا، فطلبنا الحجَّة لأقوالهم من غيرها، فلم نجد الحجَّة تقوم إلا على هذا القول، وإن كان من رُوِي عنه قد رُوِي عنه خلافُه أيضًا. وقد أبطل من ادَّعى الإجماع في ذلك، فالنِّزاع ثابتٌ بين الصَّحابة والتَّابعين كما حكيناه، والحجَّة لا تقوم بالخلاف. فهذا ابن عبَّاسٍ وعثمان بن عفَّان قد قالا: إنَّ تمليك الرَّجل لامرأتِه أمرَها ليس بشيءٍ (1). وابن مسعودٍ يقول فيمن جعل أمر امرأته بيدِ آخرَ فطلَّقها: ليس بشيءٍ (2). وطاوس يقول فيمن ملَّك امرأتَه أمرَها: ليس إلى النِّساء طلاقٌ، ويقول فيمن ملَّك رجلًا أمرَ امرأتِه أيملك الرَّجل أن يطلِّقها؟ قال: لا (3).
قلت: أمَّا المنقول عن طاوسٍ فصحيحٌ صريحٌ، لا مطعَن فيه سندًا وصراحةً.