
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
من التَّناقض فيما احتججتم به أنتم وأئمَّة الحديث من روايته، وارتضاء البخاريِّ لإدخال حديثه في «صحيحه».
فصل وأمَّا تلك المسالك الوَعِرة التي سلكتموها في حديث أبي الصهباء، فلا يصحُّ شيءٌ منها (1).
أمَّا المسلك الأوَّل، وهو انفراد مسلم بروايته وإعراض البخاريِّ عنه، فتلك شكاةٌ ظاهرٌ عنه (2) عارُها، وما ضرَّ ذلك الحديثَ انفرادُ مسلم به شيئًا. ثمَّ هل تقبلون أنتم أو أحدٌ مثلَ هذا في كلِّ حديثٍ ينفرد به مسلم عن البخاريِّ؟ وهل قال البخاريُّ قطُّ: إنَّ كلَّ حديثٍ لم أُدخِلْه في كتابي فهو باطلٌ، أو ليس بحجَّةٍ، أو ضعيفٌ؟ وكم قد احتجَّ البخاريُّ بأحاديثَ خارجَ «الصَّحيح» ليس لها ذكرٌ في «صحيحه»، وكم صحَّح من حديثٍ خارجٍ عن «صحيحه».
فأمَّا مخالفة سائر الرِّوايات له عن ابن عبَّاسٍ، فلا ريبَ أنَّ عن ابن عبَّاسٍ روايتين صحيحتين بلا شكٍّ: إحداهما توافق هذا الحديث، والأخرى تخالفه، فإن أسقطنا روايةً بروايةٍ سَلِمَ الحديثُ، على أنَّه بحمد الله سالمٌ. ولو اتَّفقت الرِّوايات عنه على مخالفته فله أسوةُ أمثالِه. وليس بأوَّل حديثٍ خالفه راويه، فنسألكم: هل الأخذ بما رواه الصَّحابيُّ عندكم أو بما رآه؟ فإن قلتم: