زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وشمول اسم الطَّلاق له كشموله للطَّلاق الحلال، ولو كان لفظًا مجرَّدًا لغوًا لم يكن له حقيقةٌ، ولا قيل: «طلَّق امرأته»، فإنَّ هذا اللَّفظ إذا كان لغوًا كان وجوده كعدمه، ومثل هذا لا يقال فيه «طلَّق»، ولا يقسَّم الطَّلاق إليه (1) ــ وهو غير واقعٍ ــ إليه وإلى الواقع، فإنَّ الألفاظ اللَّاغية التي ليس لها معانٍ ثابتةٌ لا تكون هي ومعانيها قِسْمًا من الحقيقة الثَّابتة لفظًا.
فهذا أقصى ما تمسَّك به المُوْقِعون، وربَّما ادَّعى بعضهم الإجماعَ لعدم علمه بالنِّزاع.
قال المانعون من الوقوع: الكلام معكم في ثلاث مقاماتٍ بها يستبين الحقُّ في المسألة.
المقام الأوَّل: بطلان ما زعمتم من الإجماع، وأنَّه لا سبيل لكم إلى إثباته البتَّة، بل العلم بانتفائه معلومٌ.
المقام الثَّاني: أنَّ فتوى الجمهور بالقول لا يدلُّ على صحَّته، وقول الجمهور ليس بحجَّةٍ.
المقام الثَّالث: أنَّ الطَّلاق المحرَّم لا يدخل تحت نصوص الطَّلاق المُطْلقة التي رتَّب الشَّارع عليها أحكامَ الطَّلاق. فإن ثبتت لنا هذه المقامات الثَّلاث كنَّا أسعدَ بالصَّواب منكم في المسألة.
فنقول: أمَّا المقام الأوَّل، فقد تقدَّم من حكاية النِّزاع ما يُعْلَم معه بطلان دعوى الإجماع، كيف، ولو لم يُعلَم ذلك لم يكن لكم سبيلٌ إلى إثبات