زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولا أذِنَ له فيه، فلا يصحُّ ولا يقع.
قالوا: ولو وكَّل وكيلًا أن يطلِّق امرأته طلاقًا جائزًا، فطلَّق (1) طلاقًا محرَّمًا لم يقع، لأنَّه غير مأذونٍ له فيه، فكيف كان إذن المخلوق معتبرًا في صحَّة إيقاع الطَّلاق دون إذن الشَّارع؟! ومن المعلوم أنَّ المكلَّف إنَّما يتصرَّف بالإذن، فما لم يأذن به الله ورسوله لا يكون محلًّا للتَّصرُّف البتَّة.
قالوا: وأيضًا فالشَّارع قد حَجَر على الزَّوج أن يطلِّق في حال الحيض أو بعد الوطء في الطُّهر، فلو صحَّ طلاقُه لم يكن لحَجْر الشَّارع معنًى، وكان حَجْر القاضي على مَن منعه التَّصرُّف أقوى مِن حَجْر الشَّارع حيث يبطل التَّصرُّف بحجره.
قالوا: وبهذا أبطلنا البيعَ وقتَ النِّداء يوم الجمعة؛ لأنَّه بيعٌ حَجَر الشَّارعُ على بائعه في هذا الوقت، فلا يجوز تنفيذُه وتصحيحُه.
قالوا: ولأنَّه طلاقٌ محرَّمٌ منهيٌّ عنه، والنَّهي (2) يقتضي فسادَ المنهيِّ عنه، فلو صحَّحناه لكان لا فرق بين المنهيِّ عنه والمأذون فيه من جهة الصِّحَّة والفساد.
قالوا: وأيضًا فالشَّارع إنَّما نهى عنه وحرَّمه لأنَّه يبغضُه، ولا يحبُّ وقوعَه، بل وقوعُه مكروهٌ إليه، فحرَّمه لئلَّا يقع ما يبغضه ويكرهه، وفي تصحيحه وتنفيذه ضدُّ هذا المقصود.
قالوا: وإذا كان النِّكاح المنهيُّ عنه لا يصحُّ لأجل النَّهي، فما الفرق بينه