
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بمنزلة أقوال النَّائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتةٌ بخلاف مفسدة القول، فإنَّها إنَّما تثبت (1) إذا كان قائله عالمًا به مختارًا له.
وقد روى وكيعٌ، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم بن عُتَيبة (2)، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: قالت امرأةٌ لزوجها: سمِّني فسمَّاها الظَّبية (3)، فقالت: ما قلتَ شيئًا، قال: فهاتِ ما أسمِّيكِ به، قالت: سمِّني خليَّة طالق (4)، قال: فأنتِ خليَّةٌ طالقٌ، فأتت عمر بن الخطَّاب فقالت: إنَّ زوجي طلَّقني، فجاء زوجها فقصَّ عليه القصَّة، فأوجعَ عمرُ رأسَها، وقال لزوجها: خذ بيدها وأوجع رأسها (5).
فهذا الحكم من أمير المؤمنين بعدم الوقوع لمَّا لم يقصد الزَّوجُ اللَّفظَ الذي يقع به الطَّلاق، بل قصد لفظًا لا يريد به الطَّلاق، فهو كما لو قال عن أمَتِه (6) أو غلامه: إنِّها حرَّةٌ. وأراد أنَّها ليست بفاجرةٍ، أو قال لامرأته: أنتِ مسرَّحةٌ أو سرَّحتك. ومراده تسريح الشَّعر ونحو ذلك، فهذا لا يقع عتقُه ولا