زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فتضمَّن هذا الحكمُ: أنَّ الزَّوجين إذا أسلما معًا فهما على نكاحهما، ولا يُسأل عن كيفيَّة وقوعه قبل الإسلام، هل وقع صحيحًا أو لا؟ ما لم يكن المبطل قائمًا، كما إذا أسلما وقد نكحها (1) وهي في عدَّةٍ من غيره، أو تحريمًا (2) مجمَعًا عليه، أو مؤبَّدًا، كما إذا كانت مَحْرَمًا له بنسبٍ أو رضاعٍ، أو كانت ممن لا يجوز له الجمع بينها وبين مَن معها (3) كالأختين والخَمس وما فوقهنَّ، فهذه ثلاث صورٍ أحكامُها مختلفةٌ.
فإذا أسلما وبينهما (4) محرميَّةٌ من نَسَبٍ أو رَضاعٍ أو صهرٍ أو كانت أخت الزَّوجة أو عمَّتها أو خالتها أو من يحرم الجمع بينها وبينها فُرِّق بينهما بإجماع الأمَّة، لكن إن كان التَّحريم لأجل الجَمْع خُيِّر بين الإمساك لأيتهما (5) شاء، وإن كانت بنته من زنًا فُرِّق بينهما أيضًا عند الجمهور، وإن كان يعتقد ثبوتَ النَّسب بالزِّنا فُرِّق بينهما اتِّفاقًا، وإن أسلم أحدُهما وهي في عدَّةٍ مِن مسلمٍ متقدَّمةٍ على عقده فُرِّق بينهما اتِّفاقًا.
وإن كانت العدَّة من كافرٍ فإن اعتبرنا دوامَ المفسد أو الإجماع عليه لم يفرَّق بينهما، لأنَّ عدَّة الكافر لا تدوم، ولا تمنع النِّكاح عند من يبطلُ أنكحةَ الكفَّار ويجعل حكمَها حكمَ الزِّنا.