زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الخامس
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: علي بن محمد العمران - محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 592
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
على بعضٍ، ثمَّ مَن سلّم أنَّ كفر عبَدَة الأوثان أغلظ من كفر المجوس (1)؟ وأيُّ فرقٍ بين عبادة (2) النيران والأوثان؟! بل كفر المجوس أغلظ، وعبَّاد الأوثان كانوا يقرُّون بتوحيد الرُّبوبيَّة، وأنَّه لا خالق إلا اللَّه، وأنَّهم إنَّما يعبدون آلهتهم لتقرِّبهم إلى الله سبحانه، ولم يكونوا يقرُّون بصانِعَين للعالَم، أحدهما: خالقٌ للخير، والآخر للشَّرِّ، كما تقوله المجوس، ولم يكونوا يستحلُّون نكاح الأمَّهات والبنات والأخوات، وكانوا على بقايا من دين إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه.
وأمَّا المجوس فلم يكونوا على كتابٍ أصلًا، ولا دانوا بدين أحدٍ من الأنبياء، لا في عقائدهم ولا شرائعهم، والأثر الذي فيه أنَّه كان لهم كتابٌ فَرُفِع ورُفِعت شريعتهم لمَّا وقع ملكهم على ابنته، لا يصحُّ البتَّة (3)، ولو صحَّ لم يكونوا بذلك من أهل الكتاب، فإنَّ كتابهم رُفع وشريعتهم بطَلَت فلم يبقوا على شيءٍ منها.
ومعلومٌ أنَّ العرب كانوا على دين إبراهيم عليه السَّلام، وكان له صحفٌ