زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وربَّما خاطبه بنفسه. وربَّما كانت الرُّوح ماردةً فيُخْرِجها بالضَّرب، فيفيق المصروع ولا يحسُّ بألمٍ. وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارًا.
وكان كثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115].
وحدَّثني أنَّه قرأها مرَّةً في أذن مصروعٍ (1)، فقالت الرُّوح: نعم، ومدَّ بها صوته. قال: فأخذتُ له عصًا، وضربتُه بها في عروق عنقه حتَّى مَجِلَتْ (2) يداي من الضَّرب، ولم يشكَّ الحاضرون أنَّه يموت بذلك. ففي أثناء الضَّرب قالت: أنا أحبُّه، فقلت لها: هو لا يحبُّك. قالت: أنا أريد أن أحجَّ به، فقلت لها: هو لا يريد أن يحجَّ معك. فقالت (3): أنا أدعه كرامةً لك. قال (4): لا، ولكن طاعةً لله ولرسوله. قالت: فأنا أخرج منه. قال: فقعد المصروع يلتفت يمينًا وشمالًا، وقال: ما جاء بي إلى حضرة الشَّيخ؟ قالوا له: وهذا الضَّرب كلُّه (5)؟ فقال: وعلى أيِّ شيءٍ يضربني الشَّيخ ولم أُذنِبْ؟ ولم يشعر بأنَّه وقع به ضربٌ البتَّة.
وكان يعالج بآية الكرسيِّ، ويأمر بكثرة قراءة المصروع ومَن يعالجه