
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
شأن أبي قحافة، لمَّا أُتي به، ورأسُه ولحيتُه كالثَّغامة بياضًا، فقال: «غيِّروا هذا بشيءٍ (1)، وجنِّبوه السَّواد». والكتَمُ يسوِّد الشَّعر (2).
فالجواب من وجهين: أحدهما: أنَّ النَّهي عن التَّسويد البحت. فأمَّا إذا أضيف إلى الحنَّاء شيءٌ آخر كالكتَم ونحوه، فلا بأس به؛ فإنَّ الكتم والحنَّاء يجعل الشَّعر بين الأحمر والأسود، بخلاف الوَسِمة فإنَّها تجعله أسود فاحمًا. وهذا أصحُّ الجوابين.
الجواب الثَّاني: أنَّ الخضاب بالسَّواد المنهيِّ عنه خضاب التَّدليس كخضاب (3) شَعْر الجارية والمرأة الكبيرة تغرُّ الزَّوجَ والسَّيِّدَ بذلك، وخضابِ الشَّيخ يغرُّ المرأةَ بذلك؛ فإنَّه من الغشِّ والخداع. فأمَّا إذا لم يتضمَّن تدليسًا ولا خداعًا فقد صحَّ أن الحسن والحسين (4) كانا يخضبان بالسَّواد. ذكر ذلك ابن جريرٍ عنهما في كتاب «تهذيب الآثار» (5). وذكره عن