
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وبعض النَّاس يفضِّله على العسل لقلَّة حرارته ولينه. وهذا تحاملٌ منه على العسل، فإنَّ منافع العسل أضعاف منافع السُّكَّر، وقد جعله الله شفاءً ودواءً وأُدْمًا (1) وحلاوةً. وأين نفعُ السُّكَّر من المنافع التي يدخل فيها العسل (2): من تقوية المعدة، وتليين الطَّبع، وإحداد البصر، وجلاء ظلمته، ودفع الخوانيق (3) بالغرغرة به، وإبرائه من الفالج واللَّقوة ومن جميع العلل الباردة الَّتي تحدث في جميع البدن (4) من الرُّطوبات، فيجذبها من قعر البدن؛ وحفظِ صحَّته، وتسمينه (5)، والزِّيادة في الباه، والتَّحليل والجلاء، وفتح أفواه العروق، وتنقية المعى، وإحدار الدُّود، ومنع اللحم (6) وغيره من العفَن، والأُدْم النَّافع، وموافقة من غلب عليه البلغم والمشايخ وأهل الأمزجة الباردة. وبالجملة، فلا شيء أنفع منه للبدن، وفي العلاج وعَجْن (7) الأدوية وحفظ قواها، وتقوية المعدة، إلى أضعافِ أضعافِ (8) هذه المنافع. فأين للسُّكَّر مثل هذه المنافع والخصائص أو قريبٌ منها؟ والله الموفِّق.