
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الله وسلامه على من نالت به أمَّته كلَّ خيرٍ.
وقوله (1): «أسلمتُ نفسي إليك» أي: جعلتها مسلَّمةً لك تسليمَ العبد المملوك نفسَه إلى سيِّده ومالكه.
وتوجيهُ وجهه إليه يتضمَّن إقباله بالكلِّيَّة على ربِّه، وإخلاصَ القصد والإرادة له، وإقرارَه بالخضوع والذُّلِّ والانقياد. قال تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} (2) [آل عمران: 20].
وذكَر «الوجه»، إذ هو أشرف ما في الإنسان ومجمَعُ (3) الحواسِّ. وأيضًا ففيه معنى التَّوجُّه (4) والقصد من قوله: ربَّ العباد إليه الوجهُ والعمَلُ (5) وتفويضُ الأمر إليه: ردُّه إلى الله سبحانه. وذلك يوجب سكون القلب وطمأنينته، والرِّضى بما يقضيه ويختاره له ممَّا يحبُّه ويرضاه. والتَّفويض من أشرف مقامات العبوديَّة، ولا علَّة فيه، وهو من مقامات الخاصَّة خلافًا