
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والحزن أخوان، والعجز والكسل أخوان، والجبن والبخل أخوان، وضلَع الدَّين وغلبة الرِّجال أخوان. فإنَّ المكروه المؤلم إذا ورد على القلب فإمَّا أن يكون سببه أمرًا ماضيًا، فيُوجِب له الحزن. وإن كان من أمرٍ متوقَّعٍ (1) في المستقبل أوجب الهمَّ. وتخلُّفُ العبد عن مصالحه وتفويتُها عليه إمَّا أن يكون من عدم القدرة وهو العجز، أو من عدم الإرادة وهو الكسل. وحبسُ خيره ونفعه عن نفسه وعن بني جنسه إمَّا أن يكون منعَ نفعِه ببدنه (2) فهو الجُبن، أو بماله فهو البخل. وقهرُ النَّاس له إمَّا بحقٍّ فهو ضلَع الدَّين، أو بباطلٍ فهو غلبة الرِّجال. فقد تضمَّن الحديث الاستعاذة من كلِّ شرٍّ.
وأمَّا تأثير الاستغفار في دفع الهمِّ والغمِّ والضِّيق فلما اشترك في العلم به أهلُ الملل وعقلاءُ كلِّ أمَّةٍ أنَّ المعاصي والفساد توجب الهمَّ والغمَّ، والخوف والحزن، وضيق الصَّدر وأمراض القلب، حتَّى إنَّ أهلها إذا قضوا منها أوطارهم وسئمتها نفوسُهم ارتكبوها دفعًا لما يجدونه في صدورهم من الضِّيق والهمِّ والغمِّ (3)، كما قال شيخ الفسوق (4): وكأسٍ شربتُ على لذَّةٍ ... وأخرى تداويتُ منها بها