زاد المعاد في هدي خير العباد ج4

زاد المعاد في هدي خير العباد ج4

7764 4

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 616

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وهي الهداية الَّتي تجلب النِّعَم وتدفع النِّقَم= من أعظم الأدوية الشَّافية الكافية.
وقد قيل: إنَّ موضع الرُّقية منها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]. ولا ريب أنَّ هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدَّواء، فإنَّ فيهما من عموم التَّفويض والتَّوكُّل، والالتجاء والاستعانة، والافتقار والطَّلب، والجمع بين أعلى الغايات وهي عبادةُ الرَّبِّ وحده وأشرفِ الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته= ما ليس في غيرها.
ولقد مرَّ بي وقتٌ بمكَّة سقِمتُ فيه، وفقدتُ الطَّبيبَ والدَّواء، فكنت أتعالج بها: آخذ شربةً من ماء زمزم، وأقرؤها عليه مرارًا، ثمَّ أشربه. فوجدتُ بذلك البرء التَّامَّ. ثمَّ صرتُ أعتمد ذلك عند كثيرٍ من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع (1).
فصل وفي تأثير الرُّقى بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السُّموم سرٌّ بديعٌ. فإنَّ ذوات السُّموم أثَّرت بكيفيَّات نفوسها الخبيثة كما تقدَّم. وسلاحُها حُمَاتُها الَّتي تلدغ بها. وهي لا تلدغ حتَّى تغضب، فإذا غضبت ثار فيها السَّمُّ، فتقذفه بآلتها. وقد جعل الله سبحانه لكلِّ داءٍ دواءً، ولكلِّ شيءٍ ضدًّا. ونفسُ الرَّاقي تفعل في نفس المرقيِّ، فيقع بين نفسيهما فعلٌ وانفعالٌ، كما يقع بين الدَّاء والدَّواء. فتقوى نفسُ المَرْقيِّ (2) وقوَّتُه بالرُّقية على ذلك الدَّاء، فتدفعه (3)

الصفحة

254/ 616

مرحباً بك !
مرحبا بك !