
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بالمقابلة (1)، وتارةً بالرُّؤية، وتارةً بتوجُّه الرُّوح نحو من يؤثِّر فيه، وتارةً بالأدعية والرُّقى والتَّعوُّذات، وتارةً بالوهم والتَّخيُّل. ونفس العائن لا يتوقَّف تأثيرها على الرُّؤية، بل قد يكون أعمى، فيوصف له الشَّيءُ (2)، فتؤثِّر نفسه فيه وإن لم يره. وكثيرٌ من العائنين يؤثِّر في المَعِين بالوصف من غير رؤيةٍ.
وقد قال تعالى لنبيِّه: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} (3) [القلم: 51].
وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ( 1 ) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ( 2 ) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ( 3 ) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ( 4 ) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 1 - 5].
فكلُّ عائنٍ حاسدٌ، وليس كلُّ حاسدٍ عائنًا، فلمَّا كان الحاسد أعمَّ من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذةً من العائن. وهي سهامٌ تخرج من نفس الحاسد والعائن نحوَ المحسود والمَعِين تصيبه تارةً، وتخطئه تارةً. فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية عليه أثَّرت فيه ولا بدَّ. وإن صادفته حذِرًا شاكيَ السِّلاح لا منفذ فيه للسِّهام لم تؤثِّر فيه، وربَّما ردَّت السِّهام على صاحبها.