زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وذلك أصلٌ عظيمٌ في علاج الأبدان، فإنَّ انفعال البدن وطبيعته (1) عن النَّفس والقلب أمرٌ مشهودٌ. والطَّبيب إذا كان عارفًا بأمراض القلب والرُّوح وعلاجها كان هو الطَّبيب الكامل. والَّذي لا خبرة له بذلك، وإن كان حاذقًا في علاج الطَّبيعة وأحوال البدن، نصفُ طبيبٍ. وكلُّ طبيب لا يداوي العليل بتفقُّد قلبه وصلاحه وتقوية أرواحه وقواه بالصَّدقة وفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدَّار الآخرة، فليس بطبيبٍ، بل متطبِّبٌ قاصرٌ. ومن أعظم علاجات المرض (2): فعلُ الخير والإحسان والذِّكر والدُّعاء والتَّضرُّع والابتهال إلى اللَّه والتَّوبة. ولهذه الأمور تأثيرٌ في دفع العلل وحصول الشِّفاء أعظَمُ من الأدوية الطَّبيعيَّة، ولكن بحسب استعداد النَّفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه.
الثَّامن عشر: التَّلطُّف بالمريض والرِّفق به كالتَّلطُّف بالصَّبيِّ.
التَّاسع عشر: أن يستعمل أنواع العلاجات الطَّبيعيَّة والإلهيَّة والعلاج بالتحيُّل (3)، فإنَّ لحذَّاق الأطبَّاء في التحيُّل أمورًا عجيبةً لا يصل إليها الدَّواء. فالطَّبيب الحاذق يستعين على المرض بكلِّ مُعِينٍ.
العشرون ــ وهو ملاك أمر الطَّبيب ــ: أن يجعل علاجه وتدبيره دائرًا على ستَّة أركانٍ (4): حفظ الصِّحَّة الموجودة، وردّ الصِّحَّة المفقودة بحسب الإمكان، وإزالة العلَّة أو تقليلها بحسب الإمكان، واحتمال أدنى المفسدتين