زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل في هديه - صلى الله عليه وسلم - في إصلاح الطَّعام الذي يقع فيه الذُّباب، وإرشاده إلى دفع مضرَّات السُّموم بأضدادها في «الصَّحيحين» (1) من حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وقع الذُّباب في إناء أحدكم فامقُلوه، فإنَّ في أحد جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً».
وفي «سنن ابن ماجه» (2) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحدُ جناحي الذُّباب سَمٌّ والآخر شفاءٌ. فإذا وقع في الطَّعام فامقُلوه، فإنَّه يقدِّم السَّمَّ ويؤخِّر الشِّفاء».
هذا الحديث فيه أمران: أمرٌ فقهيٌّ، وأمرٌ طبِّيٌّ. فأمَّا الفقهيُّ فهو دليلٌ ظاهر الدَّلالة جدًّا على أنَّ الذُّباب إذا مات في ماءٍ أو مائعٍ فإنَّه لا ينجِّسه. وهذا قول جمهور العلماء، ولا يُعرَف في السَّلف مخالفٌ في ذلك. ووجه الاستدلال به أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بمَقْلِه، وهو غمسُه في الطَّعام، ومعلومٌ أنَّه