
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الرَّأس والبدن، فينبعث منها قسطٌ إلى جوهر العين؛ أو بضربةٍ (1) تصيب العينَ، فترسل الطَّبيعةُ إليها من الدَّم والرُّوح مقدارًا كثيرًا، تروم بذلك شفاءها ممَّا عرض لها، ولأجل ذلك يورَم (2) العضو المضروب، والقياس يوجب ضدَّه.
واعلم أنَّه كما يرتفع من الأرض إلى الجوِّ بخاران أحدهما: حارٌّ يابسٌ والآخر حارٌّ رطبٌ، فينعقدان سحابًا متراكمًا، ويمنعان أبصارنا من إدراك السَّماء؛ فكذلك يرتفع من قعر المعدة إلى منتهاها مثلُ ذلك، فيمنعان النَّظر ويتولَّد عنهما عللٌ شتَّى. فإن قويت الطَّبيعة على ذلك ودفعته إلى الخياشيم أحدث الزُّكامَ. وإن دفعته إلى اللَّهاة والمَنْخِرَين أحدث الخُنَانَ (3). وإن دفعته إلى الجنب أحدث الشَّوْصَة (4). وإن دفعته إلى الصَّدر أحدث النَّزلة. وإن انحدر إلى القلب أحدث الخبطة. وإن دفعته إلى العين أحدث رمدًا. وإن انحدر إلى الجوف أحدث السَّيَلان. وإن دفعته إلى منازل الدِّماغ أحدث