
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الرابع
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 616
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل وممَّا ينبغي أن يُعلَم أنَّ كثيرًا ممَّا يُحمى عنه العليل والنَّاقه والصَّحيح، إذا اشتدَّت الشَّهوة إليه، ومالت إليه الطَّبيعة، فتناول منه الشَّيءَ اليسيرَ الذي لا تعجز الطَّبيعة عن هضمه= لم يضُرَّه تناولُه. بل ربَّما انتفع به، فإنَّ الطَّبيعة والمعدة تتلقَّيانه بالقبول والمحبَّة، فيصلحان ما يُخشى من ضرره. وقد يكون أنفع من تناول ما تكرهه الطَّبيعة وتدفعه من الدَّواء.
ولهذا أقرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صهيبًا ــ وهو أرمد ــ على تناول التَّمرات اليسيرة، وعلِم أنَّها لا تضرُّه (1). ومن هذا ما يروى عن عليٍّ أنَّه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أرمد، وبين يدي النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تمرٌ يأكله، فقال: «يا عليُّ، تشتهيه؟». ورمى إليه بتمرةٍ، ثمَّ بأخرى حتَّى رمى إليه سبعًا، ثمَّ قال: «حسبُك يا عليُّ» (2).