زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل ومنها: أن هلالًا ومُرارة (1) قعدا في بيوتهما وكانا يُصلِّيان في بيوتهما ولا يحضران الجماعة، وهذا يدل على أن هِجران المسلمين للرجل عذرٌ يبيح له التخلُّف عن الجماعة.
أو يقال: من تمام هجرانه أن لا يحضر جماعة المسلمين، لكن يقال: فكعب كان يحضر الجماعة ولم يمنعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عتب عليهما على التخلُّف، وعلى هذا فيقال: لما أُمِر المسلمون بهجرهم تُرِكوا: لم يؤمروا ولم يُنهَوا ولم يُكلَّموا، فكان من حضر منهم الجماعة لم يُمنَع، ومن تركها لم يُكلَّم.
أو يقال: لعلهما ضعُفا وعجَزا عن الخروج، ولهذا قال كعب: وكنت أنا أجلَدَ القوم وأشبَّهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين.
وقوله: «وآتي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلِّم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول: هل حرك شفتيه برد السلام عليَّ أم لا؟» فيه دليل على أن الردَّ على من يستحقُّ الهجر غير واجب، إذ لو وجب الرد لم يكن بدٌّ مِن إسماعه.
وقوله: «حتى إذا طال ذلك عليَّ تسوَّرتُ جدار حائطِ أبي قتادة» فيه دليل على دخول الإنسان دار صاحبه وجاره إذا علم رضاه بذلك وإن لم يستأذنه.