زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بأن يحول بين قلبه وإرادته فلا يمكِّنَه بعدُ مِن إرادته عقوبةً له.
فمن لم يستجب لله ورسوله إذا دعاه حال بينه وبين قلبه، فلا يُمْكنه الاستجابةُ بعد ذلك؛ قال تعالى: {(23) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ} [الأنفال: 24]. وقد صرح سبحانه بهذا في قوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110]، وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]، وقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]، وهو كثير في القرآن.
ومنها: أنه لم يكن يتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أحدُ رجالٍ ثلاثة: إما مغموص عليه في النفاق، أو رجل من أهل الأعذار، أو من خلَّفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستعمله على المدينة أو خلفه لمصلحة.
ومنها: أن الإمام والمطاع لا ينبغي له أن يُهمل من تخلَّف عنه في بعض الأمور، بل يُذكِّره ليراجع الطاعة ويتوب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بتبوك: «ما فعل كعب؟» (1) ولم يذكر سواه من المتخلِّفين استصلاحًا له ومراعاةً، وإهمالًا للقوم المنافقين.
ومنها: جواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن حميَّةً أو ذبًّا عن الله ورسوله. ومِن هذا طعنُ أهل الحديث فيمن طعنوا فيه من الرواة.