
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ابن وهب: يعني يتركها حتى يجدها صاحبها.
قال شيخنا (1): وهذا من خصائص مكة، والفرق بينها وبين سائر الآفاق في ذلك: أن الناس يتفرقون عنها إلى الأقطار المختلفة فلا يُمْكَن (2) صاحبُ الضالة من طلبها والسؤال عنها، بخلاف غيرها من البلاد.
فصل وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة: «ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل، وإما أن يأخذ الدية» (3) فيه دليل على أن الواجب بقتل العمد لا يتعيَّن في القِصاص، بل هو أحد شيئين: إما القصاص وإما الدية.
وفي ذلك ثلاثة أقوال، وهي روايات عن الإمام أحمد: أحدها: أن الواجب أحد شيئين إما القصاص أو الدية، والخِيَرة في ذلك إلى الولي بين أربعة أشياء: العفو مجَّانًا، والعفو إلى الدية، والقِصاص، ولا خلاف في تخييره بين هذه الثلاثة، والرابعُ: المصالحةُ على أكثر من الدية فيه وجهان: أشهرهما مذهبًا جوازه، والثاني: ليس له العفو على مال إلا الدية أو دونها، وهذا أرجح دليلًا. فإن اختار الدية سقط القَوَدُ ولم يملك طلبَه بعدُ، وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن مالك.
والقول الثاني: أن موجَبَه القود عينًا، وأنه ليس له أن يعفو إلى الدية إلا