زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يكون البحر قد جزر عنها وهي حية فماتت بمفارقة الماء، وذلك ذكاتها وذكاة حيوان البحر، ولا سبيل إلى دفع هذا الاحتمال، كيف وفي بعض طرق الحديث: «فجزر البحرُ عن حوت كالظَّرِب (1)» (2).
قيل: هذا الاحتمال مع بُعده جدًّا فإنه يكاد (3) يكون خرقًا للعادة (4)، فإن مثل (5) هذه الدابة إذا كانت حيةً إنما تكون في لُجَّة البحر وثَبَجِه دون ساحله وما رقَّ منه ودنا من البر.
وأيضًا: فإنه لا يكفي ذلك في الحِلِّ، لأنه إذا شُكَّ في السبب الذي مات به الحيوان هل هو سبب مبيح له أو غير مبيح لم يحلَّ الحيوان، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيد يرمى بالسهم ثم يوجد في الماء: «وإن وجدتَه غريقًا في الماء فلا تأكلْه فإنك لا تدري الماءُ قتله أو سهمك» (6)؛ فلو كان الحيوان البحريُّ حرامًا إذا مات في البحر لم يُبَح، وهذا مما لا يعلم فيه خلاف بين الأئمة.