
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فإن قيل: فهلا قُتلت بنقض العهد؟ قيل: هذا حجة من قال: إن الإمام مخيَّر في ناقض العهد كالأسير.
فإن قيل: فأنتم توجبون قتلَه حتمًا كما هو منصوص أحمد (1)، وإنما القاضي أبو يعلى ومن تبعه قالوا: يُخيَّر الإمام فيه.
قيل: إن كانت قصة الشاة قبل الصلح فلا حجة فيها، وإن كانت بعد الصلح فقد اختُلِف في نقض العهد بقتل المسلم على قولين، فمن لم يرَ النقض به فظاهر، ومن رأى النقض به فهل يتحتَّم قتلُه أو يخيَّر فيه؟ أو يُفصَّل بين بعض الأسباب الناقضة وبعضها، فيتحتَّم قتلُه بسبب السبِّ (2) ويُخيَّر فيه إذا نقضه بحِرابه ولحوقه بدار الحرب؟ وإن نقضه بسواهما، كالقتل، والزنا بالمسلمة، والتجسُّس على المسلمين، وإطلاع العدوِّ على عوراتهم، فالمنصوص: تعيُّنُ القتل.
وعلى هذا، فهذه المرأة لما سمَّت الشاة صارت بذلك محارِبةً، وكان قتلها مخيَّرًا فيه، فلما مات بعض المسلمين من السم قُتِلت حتمًا، إما قِصاصًا وإما لنقض العهد بقتلها المسلمَ، فهذا محتمل. والله أعلم.
واختُلِف في فتح خيبر: هل كان عنوةً، أو كان بعضها صلحًا وبعضها عنوةً؟ فروى أبو داود (3) من حديث أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر فأصبناها