
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الناس فوعظهم وحضَّهم (1) على الجهاد، فلما التقى المسلمون واليهود قُتِل فيمن قتل: العبد الأسود، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم (2) فأُدخِل في الفسطاط، فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطلع في الفسطاط ثم أقبل على أصحابه فقال: «لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير، ولقد رأيتُ عند رأسه اثنتين من الحور العين»، ولم يُصَلِّ للهِ سجدةً قط.
وقال حماد بن سلمة: عن ثابت عن أنس: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل أسود اللَّون قبيحُ الوجه منتنُ الريح لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟ قال: «نعم». فتقدَّم فقاتلَ حتى قُتِل فأتى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول فقال: «لقد أحسن الله وجهَك وطيَّب ريحَك وكثَّر مالك». ثم قال: «لقد رأيت زوجتيه من الحور العين تنزعان جبته عنه تدخلان فيما بين جلده وجبته» (3).
وقال شداد بن الهاد: جاء رجل من الأعراب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه فقال: أهاجر معك، فأوصى به بعضَ أصحابه، فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فقَسَمه، وقسم للأعرابي فأعطى أصحابه ما قسمه له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسَم لك (4) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما هذا يا رسول الله؟ قال: