زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ووعدهم سبحانه مغانم كثيرةً يأخذونها وأخبرهم أنه عجل لهم هذه الغنيمة، وفيها قولان، أحدهما: أنها (1) الصلح الذي جرى بينهم وبين عدوِّهم، والثاني: أنها فتح خيبر وغنائمها (2).
ثم قال: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} [الفتح: 20]، فقيل: أيدي أهل مكة أن يقاتلوهم، وقيل: أيدي اليهود حين هموا بأن يغتالوا مَن بالمدينة بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من الصحابة منها، وقيل: هم أهل خيبر وحلفاؤهم الذين أرادوا نصرتهم من أسد وغطفان؛ والصحيح تناوُل الآية للجميع.
وقوله: {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 20]، قيل: هذه الفِعلة التي فعلها بكم وهي كفُّ أيدي أعدائكم عنكم مع كثرتهم، فإنه حينئذ كان أهل مكة ومَن حولها وأهلُ خيبر ومن حولها وأسد وغطفان وجمهور قبائل العرب أعداءً لهم، وهم بينهم كالشامة (3)، فلم يصلوا إليهم بسوء مع كثرتهم وشدَّة عداوتهم؛ وتَوَلَّى حراستهم وحفظهم في مشهدهم ومغيبهم.