زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 881
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فعَظُم ذلك على المسلمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين» (1).
واشتد البلاء ونجم النفاق، واستأذن بعضُ بني حارثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب إلى المدينة وقالوا: بيوتنا عورة {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب: 13]، وهمَّ بنو سلمة بالفشل ثم ثبت الله الطائفتين (2).
وأقام المشركون محاصِرين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا، ولم يكن بينهم قتال لأجل ما حال الله به من الخندق بينهم وبين المسلمين، إلا أن فوارسَ من قريشٍ منهم عمرو بن عبد ودٍّ وجماعة معه أقبلوا نحو الخندق، فلما وقفوا عليه قالوا: إن هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها، ثم تيمَّموا مكانًا ضيقًا من الخندق فاقتحموه وجالت بهم خَيلُهم في السبخة بين الخندق وسلع، ودَعَوا إلى البِراز، فانتدب لعمرٍو عليٌّ بن أبي طالب فبارزه، فقتله الله على يديه (3)، وكان من شجعان المشركين وأبطالهم، وانهزم الباقون إلى أصحابهم.
وكان شعار المسلمين يومئذ «حم لا ينصرون» (4).